تحدثنا في الحلقة الماضية عن الدعاء وعرفنا أن أحسن الدعاء هو ما أرشد إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من جوامع الدعاء وأكمله، وعلمنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب جوامع الدعاء، كما روت عائشة رضي اللّه عنها قالت: “كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَستحبّ الجوامعَ من الدعاء ويدعُ ما سوى ذلك”، وهنا جملةٌ من جوامع الدعاء، حيث نذكر ما لا غنى عنه لكل مسلم ومسلمة، ومن أراد الزيادة فعليه بكتب الأذكار التي عني بها علماء الحديث من أهل السنة والجماعة.

في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس رضي اللّه عنه، قال: كان أكثرُ دعاء النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: “اللهُم آتنا في الدنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النارِ”.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: “اللهُم إني أسألُكَ الهُدَى والتقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى”.
وفي الترمذي عن شهر بن حوشب، قال: قلتُ لأُمّ سلمة رضي اللّه عنها: يا أُمّ المؤمنين ما أكثرَ دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا كان عندكِ؟ قالت: كان أكثرُ دعائه: “يا مُقَلبَ القُلُوب ثَبت قَلْبي على دِينكَ”.

وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم الأشجعي الصحابي رضي اللّه عنه قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى اللّه عليه وسلم الصلاة، ثم أمرَه أن يدعوَ بهذه الكلمات: “اللهُم اغْفِرْ لي وَارْحَمْنِي وَاهْدِني وَعافِني وَارْزُقْني”.
وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “اللهُم يا مُصَرفَ القُلُوبِ صَرفْ قُلُوبَنا على طاعَتِكَ”.
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنهم أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: علّمني دُعاءً أدعُو به في صَلاتي، قال: “قُلِ اللهُم إني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً وَلا يَغْفِرُ الذنُوبَ إِلا أنْتَ فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْني إنكَ أنْتَ الغَفُورُ الرحِيمُ”.

وفي صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: “اللهُم اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وَجَهْلي وَإسْرَافِي في أمْرِي، ومَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِني، اللهُم اغْفِرْ لي جَدّي وَهَزْلي وَخَطَئي وَعَمْدي وَكُل ذلكَ عِنْدِي؛ اللهُم اغْفِرْ لي ما قَدمْتُ ومَا أخرْتُ وَمَا أسْرَرْتُ وَما أعْلَنْتُ وَما أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّي، أنْتَ المُقَدمُ وأنْتَ المُؤَخرُ وأنْتَ على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقول في دعائه: “اللهُم إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ ما عَمِلْتُ وَمِنْ شَرّ مَا لَمْ أعْمَلْ”.
وفيه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: كان دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَولِ عافيتك وَفَجْأةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سُخْطِكَ”.

الاستعاذة بالله:

وروى مسلم عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول، كان يقول: “اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَم وَعَذَابِ القَبْرِ، اللهُم آتِ نَفْسِي تَقْوَاها، وَزَكها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكاها، أنْتَ وَلِيها وَمَوْلاها، اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا”.

وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: “تَعَوذُوا باللهِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشقاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ”.
وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، بالأسانيد الصحيحة، عن عائشة رضي اللّه عنها أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كانَ يدعو بهذه الكلماتِ: “اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النارِ وَعَذَابِ النارِ، وَمنْ شَرّ الغِنَى وَالفَقْرِ”.

وعن عائشة رضي اللّه عنها أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال لها: “قُولي اللهُم إني أسألُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أعْلَمُ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الشرّ كُلهِ عاجله وآجِلهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أعْلَمْ، وأسألُكَ الجَنةَ وَمَا قَرّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ النارِ وَمَا قَربَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أوْ عَمَلٍ، وأسألُكَ خَيْرَ ما سألَكَ بِهِ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمدٌ صلى اللّه عليه وسلم، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ ما اسْتَعاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمدٌ صلى اللّه عليه وسلم، وأسألُكَ ما قَضَيْتَ لي مِنْ أمْرٍ أنْ تَجْعَلَ عاقِبَتَهُ رَشَداً”.

أسماء الله الحسنى

وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن بُريدةَ رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهمّ إني أسألك بأني أشهدُ أنك أنتَ اللّه لا إِلهَ إِلاّ أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فقال: “لَقَدْ سألْتَ اللهَ تَعالى بالاسْمِ الذي إذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ أجابَ” وفي رواية “لَقَدْ سألْتَ اللهَ باسْمهِ الأعْظَمِ”.
وفي سنن أبي داود والنسائي عن أنس رضي اللّه عنه؛ أنه كان مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالساً ورجل يُصلّي ثم دعا: اللهمّ إني أسألك بأنّ لكَ الحمدُ لا إِله إِلا أنتَ المنّانُ بديعُ السماواتِ والأرض، يا ذا الجلال والإِكرام يا حي يا قيّوم. فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: “لَقَدْ دَعا اللهَ تَعالى باسْمهِ العَظيمِ الذي إذَا دُعيَ بهِ أجابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى”.
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: “اللهُم عافني في جَسَدِي، وَعافني في بَصَرِي، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِني، لا إِلهَ إِلا أنْتَ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، سُبْحانَ الله رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ، وَالحَمْدُ لِلهِ رَبّ العالَمِينَ”.

وعن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: جاء أعرابي إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللّه علمني كلاماً أقوله، قال: “قُلْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، اللهُ أكْبَرُ كَبِيراً، وَالحَمْدُ لِله كَثِيراً، سُبْحانَ اللهِ رَب العالَمِينَ، لا حَوْلَ وَلا قُوةَ إِلا باللهِ العَزِيزِ الحَكيمِ، قال: فهؤلاء لربي فما لي؟” قال: قُلِ “اللهُم اغْفِرْ لي وَارْحَمْني وَاهْدني وَارْزُقْنِي وَعافني”.
وفي صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: “اللهُم لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خاصَمْتُ؛ اللهُم إني أَعُوْذُ بِعِزتِكَ لا إِلهَ إِلا أنْتَ أنْ تُضِلني، أنْتَ الحَي الذي لاَ يَموتُ وَالجِن والإِنْسُ يَمُوتُونَ”.

سل ربك العافية

وعن أبي أمامة رضي اللّه عنه، قال: دعا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئاً، قلت: يا رسول اللّه! دعوتَ بدعاءٍ كثيرٍ لم نحفظ منه شيئاً، فقال: “أَلاَ أدُلكُمْ ما يَجْمَعُ ذلكَ كُلهُ؟ تَقُولُ: اللهُم إني أسألُكَ مِنْ خَيْر ما سألَكَ منْهُ نَبِيكَ مُحَمدٌ صلى اللّه عليه وسلم، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَر ما اسْتَعاذَكَ مِنْهُ نَبِيكَ مُحَمدٌ صلى اللّه عليه وسلم، وأنْتَ المُسْتَعانُ وَعَلَيْكَ البَلاغُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوةَ إِلا باللهِ”.

وروى ابن ماجة والترمذي عن أنس رضي اللّه عنه أن رجلاً جاء إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللّه! أيّ الدعاء أفضل؟ قال: “سَلْ رَبكَ العافِيَةَ وَالمُعافاةَ في الدنْيا والآخِرَةِ. ثم أتاه في اليوم الثاني فقال: يا رسولَ اللّه: أيّ الدعاء أفضل؟ فقال له مثل ذلك، ثم أتاه في اليوم الثالث فقال له مثل ذلك، قال: فإذَا أُعْطِيتَ العافِيَةَ في الدنْيا وأُعْطِيتَها في الآخرة فَقَدْ أفْلَحْت”.

وروى الترمذي عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه! علّمني شيئاً أسأله اللّه تعالى، قال: “سَلُوا اللّهَ العافِيَةَ” فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول اللّه! علمني شيئاً أسأله اللّه تعالى، فقال: “يا عَباسُ، يا عَم رَسُول اللهِ، سَلُوا اللهَ العافِيَةَ في الدنْيا والآخِرَة”.
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: “اللهُم أصْلِحْ لي دِيني الذي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وَأصْلِحْ لي دُنْيايَ التِي فيها مَعاشِي، وأصْلِحْ لي آخِرَتِي التي فيها مَعادي، وَاجْعَلِ الحَياةَ زيادَةً لي في كُلّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ راحَةً لي مِنْ كُلّ شَر”.
وروي عن عليّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “قُلِ اللهُم اهْدِني وَسَدّدْنِي” وفي رواية: “اللهُم إني أسألُكَ الهُدَى وَالسدادَ”.

دعاء المحتاج

وفي الترمذي عن عليّ رضي اللّه عنه أن مُكاتباً جاءه فقال: إني عجزتُ عن كتابتي فأعني، قال: ألا أُعلّمُك كلماتٍ عَلمنيهنّ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو كانَ عَليكَ مثلُ جبل صِيْرٍ دَيْناً أداهُ عنك؟ قُلِ: “اللهُم اكْفني بِحَلالِكَ عَنْ حَرامِكَ، وَأغْنِني بِفَضْلِكَ عَمنْ سِوَاكَ”.

وعن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “دَعْوَةُ ذِي النونِ إذْ دَعا رَبهُ وَهُوَ في بَطْنِ الحُوتِ: لا إِلهَ إِلا أنْتَ سُبْحانَكَ إني كُنْتُ مِنَ الظالِمِينَ، فإنهُ لَمْ يَدْعُ بِها رَجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيْءٍ قَط إِلا اسْتَجابَ لَهُ”.

وعن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “كانَ مِنْ دُعاءِ دَاوُدَ صلى اللّه عليه وسلم: اللهُم إني أسألُكَ حُبكَ وَحُب مَنْ يُحِبكَ، وَالعَمَلَ الذي يُبَلغُنِي حُبكَ، اللهُم اجْعَلْ حُبكَ أحَب إِلي مِنْ نَفْسِي وَأهْلِي وَمنَ المَاءِ البارِدِ”.